هذه المعطيات وقتيّة في انتظار المصادقة عليها !

التّحقيق في مسألة الرّقيق

محمّد بيرم الخامس
1840 تونس العاصمة  -  1889 مصرَ

محمّد بيرم الخامس أحد علماء تونس ونخبة مصلحيها في القرن التاسع عشر. ولد في شهر مارس من سنة 1840م في أسرة علميّة عريقة، كان والده منها الشيخ مصطفى بيرم مفتي الحنفيّة، في حين كان جدّه الأوّل من قواد العساكر التركيّة. تولّى مشيخة المدرسة العنقيّة وتصدّر للتدريس بجامع الزيتونة من الطبقة الثانية سنة 1861م. ومنذ تولّي خير الدين الوزارة الكبرى بتونس في 27 نوفمبر 1873م حتّى كان محمّد بيرم الخامس من مساعديه: كُلِّف في 5 أفريل سنة 1874م بإدارة جمعيّة الأوقاف ؛ وساهم سنة 1875م في لجنة تنظيم التعليم بالمدرسة الصادقيّة . ثمّ عيّن مديرا للمطبعة الرسميّة وإدارة جريدة الرائد التونسي في شهر جويلية من نفس السنة. ولم ينقطع خلال هذه السنوات عن المجاهرة بآرائه السياسيّة وشرح آرائه الإصلاحيّة؛ وحرّر في ذلك ملاحظاته حين سافر إلى أوروبا للتداوي وغيرها من الآفاق. واستقرّ به المقام بمصر حيث أسّس جريدة الإعلام بحوادث الأيّام، ونصائح الأنام، بعلوم الإسلام" التي أصدرها في 25 ربيع الأوّل من سنة 1302هـ/ 1884م، وأرادها يوميّة. ولكنّ صحّته لم تسمح بذلك، فجعلها ثلاث مرّات في الأسبوع، ثمّ أسبوعيّة، حتّى احتجبت سنة 1306هـ/ 1888م. والسّبب في توقّفها تولّي محمّد بيرم الخامس القضاء بإحدى المحاكم الابتدائيّة الأهليّة بمصر ، فيما يذكر ابنه محمّد الهادي في ذيل كتاب صفوة الاعتبار .

ألّف صفوة الاعتباربمستودع الأمصار والأقطار ، تجريد السنان للردّ على الخطيب رينان ؛ التحقيق في مسألة الرّقيق؛ تقرير في بيان حقوق الدّولة العليّة على البلاد التونسيّة؛ تقرير في شأن التعليم بمصر ؛ تحفة الخواص في حلّ بندق الرّصاص؛ ملاحظات سياسيّة عن التنظيمات اللازمة للدّولة العليّة.


من مؤلّفاته

صفوة الإعتبار بمستودع الأمصار والأقطار رسالة تحفة الخواص في حلّ صيد بندق الرّصاص التنظيمات اللازمة للدولة العليّة التّحقيق في مسألة الرّقيق الإعلام بحوادث الأيام ومقتضى المقام بعلوم الإسلام ونصائح الأنام


المزيد من المعطيات على الموسوعة التونسيّة
تقديم النّص

ألّف محمّد بيرم الخامس رسالة التحقيق في مسألة الرّقيق " أثناء إقامته الثانية بالآستانة (من محرّم الحرام سنة 1299هـ/ نوفمبر 1881م إلى محرّم الحرام 1302هـ/ أكتوبر 1882م). ويبدو أنّه انكبّ على التأليف وانقطع عن النّاس ليمكث ببيته تفاديا للدّسائس التي بدأت تحاك حوله بعد أن حرّر "ملاحظات سياسيّة عن الإصلاحات اللازمة للدولة العليّة". وفي هذه الفترة حرّر الجزء الثالث من صفوة الاعتبار، ورسالة التحقيق في مسألة الرقيق، فضلا عن رسائل أخرى، وهي رسالة بخصوص حبّ التونسيّين للاستقلال، ورسالتان في ما يجب للنبيّ (ص) وفي ما يجب لآله: حقوق السادة الأشراف، ورسالة في سكنى دار الحرب.

ألّفت الرسالة بعد حدثين مهمّين عرفتهما البلاد التونسيّة: إلغاء العبوديّة سنة 1846م ، و صدور عهد الأمان سنة 1861م. ورغم هذا فإنّ بعضا من علماء البلد الإسلاميّة لم يقبلوا أمر العتق، ولم يوافقوا على إبطال تجارة الرقيق، وخاصّة منهم المجلوبين من بلاد السودان . وتبدو رساله محمّد بيرم الخامس ردّا على هذه الكوكبة من العلماء، وانتصارا بالحجج الشرعيّة والمدنيّة لحريّة الفرد وامتناع استرقاقه (رادع الفقرة الأولى من الرسالة).

بنية الرسالة: تحتوي الرّسالة على تمهيد وخمسة أبواب وخاتمة:

- ورد في التمهيد دواعي التأليف في الموضوع، وهو انشغال النّاس وقتها بمسألة منع الرقّ واختلاف العلماء فيه بين مناصر ومناهض، وحال المجلوبين من بلاد السودان في تلك الأيّام.

- وكان الباب الأوّل في "أنّ الأصل في الإنسان الحريّة وأنّ الرقّ عارض وأسباب عروضه".

- أمّا الباب الثاني ففي شرح "أحكام الرقيق مدّة ملكه وما له وها عليه"

- والباب الثالث: "في أحكام العتق وأسبابه".

- والباب الرابع: في أحكام المعتوق بعد حرّيّته وحالته"

- والباب الخامس: "في حالة الرقيق المجلوبين الآن من السودان وأصلهم وما يوجد من غيرهم".

- وختمت الرّسالة بشرح لتطبيق الأحكام الشرعيّة الواردة بالرسالة على الموجود واستخراج النتيجة."

جملة الآراء فيها:

تدور الآراء على أنّ الأصل في الإنسان الحريّة. وأمّا الاسترقاق فعارض بعد ثبوت "كفر الرّقيق مع الاستيلاء عليه حربا" (التحقيق، ضمن محمّد بيرم الخامس ببليوغرافيا تحليليّة،الفقرة 15). ثمّ يفصّل بيرم الخامس حقوق الرقيق وواجباته نحو سيّده طيلة الرقّ من خلال مدوّنات الفقه. ولعلّ أطرف ما ورد في أحكام الرّقيق تنبيه بيرم الخامس إلى صنفين من الحقوق: حقوق دينيّة وأخرى مدنيّة، معتمدا في بيانها على ابن نجيم (ت. 1005هـ/ 1596م). والخلاصة فيها اعتبار "الرقيق إنسانا مثل سائر الخلق في الحقوق الذّاتيّة من جهة حياته وتكاليفه الشرعيّة، غير أنّ محجور عليه فيما يتعلّق بالحقوق المدنيّة أي الختلاط مع غيره." (التحقيق، الفقرة 19). ويشرح بيرم الخامس أنّ العبد إذا عتق صار حرّا تامّ الحريّة لا فرق بينه وبين سائر الأحرار في أدنى شيء". أمّا حال المجلوبين بين بيض وسود، فمن كان مسلم بطل استرقاقه، ومن كان تحت السلطنة العثمانيّة كام حرّا أيضا لما أنعمت عليه السلطنة ببقئه على الحريّة. والأصل أن لا استرقاق إلاّ بالحرب والقتال بعد الدّعوة والامتناع عن الاستجابة.

أهميّتها: إنّ الحاصل من الرّسالة أنّ بيرم الخامس ، يناصر منع الرقّ ويبيّن أحكامه من التراث الفقهي من ناحية، وممّا هو من أحوال الزمان وقتها. وتتمثذل من ثمّ أهميّة الرسالة في تضمين بعض الآراء في المسألة التي كانت متداولة في القرن التاسع عشر؛ كما تعرض رأي عالم مصلح في تجارة الرقيق أيّامه اعتمادا على ثقافته الفقهيّة من ناحية، وثقافته السايسية المدنيّة، من ناحية أخرى.

تعديل الجذاذة
شواهد
من التمهيد

1. "لكنّي مع ذلك لم أر من بسط المسألة بالبيان الشافي لأصل الرقّ وأسبابه وأحكامه وأحكام العتق وموجباته وتطبيقه على المسألة الحالية، سيما والبعض من الأوروباويّين الآن قد اتّخذوا أصل إساغة الملك في الشريعة الإسلاميّة ذريعة للاعتراض عليها بالتوحّش استنادا لما رأوا أخيرا من حالة الرقيق عند مالكيهم وما يعاملونهم له مما يشاكل ما يرونه في التواريخ من حالة عبيد الرومان الذيم هم لديهم بمنزلة المتاع الجماد في استعمال القسوة معهم والبعد عن الإنصاف والرحمة حتّى ازداد بذلك تبجّحا من يدّعي منهم أنّ الشريعة الإسلاميّة مأخوذة من قوانين الرومانيّّين، وما هذا كلّ إلا للجهل بحقيقة الشريعة الإسلاميّة وأصولها."
(التحقيق في مسألة الرّقيق، الفقرة 4)

من الباب الأوّل

2. فتبيّن ممّا مرّ أنّ الأصل في الإنسان الحريّة.

من الباب الخاتمة

3. والموجود في زماننا من المبيع أكثره حرّ فلا يجوز التحرّي فيهم بغلبة الظّنّ [...] وممّا تقدّم كلّه يعلم حرمة امتلاك هؤلاء الرّقيق المجلوبين الآن حرمة شرعيّةلابتناء نهي الملوك فيها على مصلحة شرعيّة وبه علم أيضا فساد اعتراض الأوروباويّين على الشريعة [...] والوجه في كون التملّك حراما (لا حرام) الآن هو ما تحرّر سابقا وملخّصه راجع إلى أنّ صورة الرقّ المنحصرة فيها صيرورة الإنسان رقيقا وخروجه عن الحرّيّة الأصليّة مفقودة في زماننا لانعدام شروط الجهاد الديني الذي أصله الدعوة إلى الإسلام.
(التحقيق في مسألة الرقيق، الفقرات 39-45)

مخطوطات
صور ذات صلة
معطيات بيبليوغرافيّة

1. محمد بيرم الخامس، التحقيق في مسألة الرّقيق، ضمن. المنصف بن عبد الجليل وكمال عمران (إعداد)، محمد بيرم الخامس: ببليوغرافية تحاياّة مع ثلاث رسائل نادرة، ط. 1، بيت الحكمة، قرطاج، 1989، صص 289-318
2. التحقيق في التحقيق، في المقتطف الجزء 10/ السنة 15؛ 1308هـ/ 1891، صص 783-785. (مقال في نقد رسالة التحقيق في مسألة الرّقيق والتعليق عليها)

  • Al-Munṣif Ibn ʿAbd al-Ǧalīl : Muḥammad Bayram al-ẖāmis - Bīblyūḡrāfiyyah taḥlīliyyah maʿa ṯalāṯ rasāil nadirat ، Al-Muʾassassah al-waṭaniyyah li at-tarǧamah wa at-taḥqīq wa ad-dirāsāt (Bayt al-Ḥikmah)، Tūnus، 1989.
تحرير الجذاذة
(بتصرّف اللّجنة العلميّة)

متحف التراث المكتوب - 2022

Creative Commons logo

نرحّب بملاحظاتكم ومقترحاتكم على العنوان التّالي :