None
(None)
None
(None)
بدأ مصطفى خريف الكتابة السردية منذ 1930 من خلال مجلة العالم الأدبي التي نشر فيها أوّل ما نشر أقصوصة "دموع القمر" التي انضمت إليها أقاصيص أخرى كثيرة تنوعت عوالم و عناوين و تشاركت في انتسابها إلى البيئة التونسية لهجة و مواقع و مدنا و عادات. و مثلما تجلى ذلك في شعره ،سعى خريف في نصوصه السردية إلى الاشتغال تخييليا بالوقائع الاجتماعية و الوطنية فتعرّض إلى واقع التعليم من خلال الكتاتيب و المدارس و الجامع الأعظم.و عبّر سرديا و من خلال السخرية عن بؤس الواقع الاقتصادي بواسطة الشخصيات التي أفلست تجاريا( التبصر بالتجارة).و و تبينا من خلال الأقاصيص الطبيعة المتسامحة للمجتمع التونسي و القبول بالاختلاف من خلال أقصوصة "الثالوث" التي نهضت على صداقة بين "عربي مسلم و رجل دين إيطالي هو الأب كارانتي و مواطن يهودي".
أما في مستوى البناء الفني فقد رأينا أن نقف على سمات ثلاث أولها مرتبط بأهمية الشخصية في هذه النصوص أهمية تتجلى أحيانا كثيرة منذ العتبات/العناوين الدالة على الشخصية"الحاج علي / خو القهواجي/ عم خضير البوّاب/ سي بن طالب..." وهو ما جعل أغلب النصوص أشبه ببورتريهات سجلت للقارئ الخصائص الجسدية و الخلفيات النفسية و الاجتماعية للشخصية .يبقى أنّ السمة الغالبة على الشخصيات كانت الطابع السلبي لأننا نراها أي الشخصيات تنتهي إلى مصير قاتم "الانتحار /الافلاس /الانقطاع عن التعليم..." و ترتبط السمة الثانية بالمنزع الواقعي الذي وسم هذه المجموعة مما يذكرنا بأقاصيص الدوعاجي و العريبي...و قد صدرت هذه الواقعية عن مصادر مختلفة بعضها موصول بالبعد المرجعي للمكان"الجريد /حمام الأنف /العاصمة /الحدود التونسية الجزائرية..." و بعضها مرتهن باللهجة الدارجة خاصة من خلال الحوارات التي مثلت العنصر الفني الأكثر تماسكا و نضجا. و بعضها الثالث يعود إلى مبدأ المشاكلة. أما السمة الثالثة فتعود إلى طبيعة الخطاب القصصي القائم على منطق الحوارية بين السرد و الشعر الذي كان ملحونا و فصيحا و ضمن النزعة التراثية كان حضور أبيات للمتنبي و ابن الرومي.وتعود السمة الرابعة إلى توزع النصوص بين منزع كلاسيكي تراثي يذكرنا بتوجه العربي الكبادي و منزع تجديدي رومانسي يمثله أبو القاسم الشابي من خلال الوحدة و الحيرة و سقوط الشخصية في الغنائية و الوجدانية الحزينة.و في الختام نشير إلى تفاوت القيمة الفنية بين نصوص المجموعة و افتقار الكثير منها إلى الشروط الأجناسية للأقصوصة .
"طبقة لا تزيد عن الشبر من الماء النقي تجري في هدوء على الرمال الصافية البيضاء و قد مالتْ كلُّ نخلة على النهر حتى اتصل فرعها بأختها على الضفة الأخرى".(ص23)
" لم يكن أخا للقهواجي حقيقة و لكنّها أخوّة مجازية طال عليها العهد حتى كادت تلتحم بالحقيقة"(ص38).
" لقد كنتُ أظنّ أنّ الأوربيين أو بكلمة عامة المتمدنين أحسن منّا أخلاقا و لكنّني أدركتُ في هاته الحارة أنّ الناس هم الناس في كل زمان و مكان" (ص97).
القاضي محمد:مصطفى خريف قصاصا: حوليات الجامعة التونسية.عدد 30 .1988.
النهدي محمد صالح:مصطفى خريف في الميزان.الدار العربية للكتاب.1978 .
Jean Fontaine:20ans de literature tunisienne (1956 -1975).Maison tunisienne de l’Edition .1977.