None
(None)
None
(None)
ذكرَ الرّقيقُ القيروانيّ هذا الكتاب في « قُطب السّرور في الأنبِذة والخُمور » : « و لمعمرٍ في تحليلِ النّبيذ كتابٌ حسنٌ يدلّ على حِذقه ومعرفته، وكان أخذ تحليلَه عن عبد اللّه بن فرّوخ ، وكان عبد اللّه ، على زُهده ووَرَعه وصيانته، يحلّلُ النّبيذ ويرى شُربَه غيرَ مُستتر فيه. »
وأورد الرّقيق بعض أخبار معمر ، نورد منها هذا النّصّ :
« وَشَرِب النّبيذ جِلّة من قُضاة أهل القيروان وفُقهائها. ذكرَ عن ابن البرغوث المقّريّ قال : قال لي عبد الرّحمان بن أبي حسّان : وجّه إليّ الأمير زيادةُ اللّه الأغلبيّ بن إبراهيم الأغلبيّ ، فدخلتُ عليه، فوجدت عنده أبا محرز و أسدَ بن الفرات ، فقال لي : يا ابن أبي حسّان ، ما تقول في النّبيذِ الشّديد ؟ فقلت : أيّها الأمير أنت تُحِلّه وتَشرَبُه، وهذان قاضيان يُحِلاّنِهِ ويَشْرَبَانِه، فما عَسَيْتُ أقول؟ قال : لا بدّ. قلت : شربُ الكثير منه حتّى يزيلَ العقلَ مُحرّم عند جميع النّاس، وقد أحلّوا منه القليلَ الذي لا يُسكر.
فكانت عند الأمير زيادة اللّه مأدُبة جمع لها وجوهَ القيروان ، وأهلَ العلم والفقه، فجلس على مائدته بين يديه سحنونُ بن سعيد و ابنُ أبي حسّان ، و مَعمر بن منصور الفقيه، و عمران بن أبي محرز ، فاستسقى مَعمرُ الماءَ، فقال له الأميرُ : إنّ عندنا شرابا كثيرا، عندنا الماءُ، وشرابُ الورد، وشرابُ الجلاّب وما أشبهَهما، ومطبوخُ العِنب ومطبوخُ الزّبيب، ونبيذُ العسل، ونقيعُ الزّبيب، فاختر أيَّها شِئتَ. فطلبَ نبيذا، فأمر أن يؤتى به، فسقاه أحدُ الغِلمان ثلاثةَ أقداح، فالتفتَ إليّ فقال : ما تقولُ في النّبيذ ؟ فقلت : أنت تراني أشربُه أيّها الأمير وتسألُني عنه ؟
رُوينا عن عبد اللّه بن عبّاس قال : حُرّمتِ الخمرُ بعينها، والسّكرُ من كلّ شراب، وأتى بأحاديثَ كثيرةٍ يَحتجّ بها في تحليله. فقال لسحنون : وأنت ما تقول ؟ قال : اختلفَ النّاسُ فيه، وأنا أقولُ بتحريمه. فقال لعمران بن أبي محرز : فأنت ؟ قال : كان أبي وأخي يشرَبانه، وكنتُ أشرَبُه، ثمّ تركتُ شربه. فقال : ولم ؟ واللّه إنّ أباك وأخاك خيرٌ منك. قال : إنّ ذلك لِعِلَّةٍ، وهو لا يوافقهما. »
قطب السرور، تحقيق سارة البربوشي، 898-899.
أبو العرب : طبقات علماء إفريقيّة وتونس.
حسن حسني عبد الوهاب : كتاب العمر، 2/500-501، عدد 260.