الواثق باللّه الحفصي

تندرج مسرحيّة "الواثق بالله الحفصي" ضمن ما يُعبّر عنه بـِ"المسرح التاريخيّ". ولقد اختار محمد الحبيب شخصيّة من الشخصيّات التاريخيّة التونسيّة سعيًا منه إلى تنزيل هذا الفنّ في بعد تونسيّ صريح. وفي اختياره لـِ"الواثق بالله الحفصيّ" ما يشي بسعي منه إلى تعريف التونسيّين بصفحات من تاريخهم وبمعالجة، في الآن نفسه، قضايا سياسيّة تتعلّق بالحكم ومشروعيّته وبِمظاهر العنف التي تتخلّله إضافة إلى طبيعة الصلة بين الحاكم والمحكوم. اعتمد المؤلّفُ شيئا من التحليل لسلوك البشر وبيان اختلافهم بين الثبات على المبدأ والخيانة والغدر. تكاد تُغطّي فصول المسرحيّة الأربعة أهمَّ المحطّات التي عرِفها حُكم "الواثق بالله الحفصي" الممتَدّ من ماي 1277 م إلى أوت 1279 (أقلّ من ثلاث سنوات). ورغم ما حصل عليه "الواثق بالله" من تعاطف من قِبل قِسم كبير من الرّعيّة نتيجة قرارات اتخذها في صالح الفقراء منهم، خاصّة، (إلغاء الغرامات و بعض الضرائب إضافة إلى ترميم جامع الزيتونة) فإنّ عمّه "إبراهيم" سعى إلى إجباره على التخلّي عن السلطة لصالحه منذ يوم مبايعته. وهو ما أدّى إلى مواجهات بينهما، آل فيها الأمر إلى افتكاك العمّ السلطة وإلى اغتيال الواثق وأبنائه الثلاثة بأمر من الحاكم الجديد. اجتهد محمد الحبيب في بناء شخصيّاته بناءً مُقنِعًا دون إخفاء تعاطفه مع البطل. ولقد غلب على لغة الحوار الأسلوب الأدبِيّ تضمينًا لأمثال ولأبيات شعر ونظْمًا أحيانًا على منوالها. أخرج محمد الحبيب هذه المسرحيّة فوجدت عند الجمهور قبولاً حسَنًا يَدُلُّ على تناغُمه مع ذوق معاصريه. أعدّت المسرحيّة للتلفيزيون في شكل مُسلسل، كتب السيناريو عمر خلفة وأخرجه حمادي عرافة، سنة 1983.