مبادئ السالكين في شرح أرجوزة ابن الياسمين

أحمد، أبو العبّاس ابن قنفذ القسنطيني وأيضًأ ابن الخطيب
740 / 1339  -  810 / 1407

ابنُ قُنفُذ شُهِرَ أيضًا بابنِ الخطِيب، عالِمُ الفَلَكِ والرِّياضِيّ والطّبِيبُ والمُؤرِّخُ والفقِيهُ، تَعلَّمَ بِمدينةِ القسَنطِينَة قبل أن يَرحَلَ لمدِينة فَاس التِي مَكَثَ بِهَا حوالَي 18 سَنَةً. وقد انتقلَ خلالَ هذهِ الفترةِ بينَ عدّةِ مُدنٍ منهَا مرّاكش ودكالَة، وتَولَّى قضَاَء هذِهِ الأخِيرةِ وبهَا أَلَّفَ، سنةَ 1370، كتابَهُ حطُّ النّقَاب عَن وجُوهِ أَعمَالِ الحِساب وهُوَ شَرحٌ لتلخِيصِ ابنِ البَنَّا ويُعتبَرُ أحسنَ أعمالِهِ فِي الرِّياضيَّات. عاد إلى مسقطِ رأسه سنة 1374، ثُمّ انتقلَ فِي السنةِ المُوالية إلَى تونس قبل أن يعودَ إلى قسنطينةَ وبِها تولَّى الخَطابةَ والإفتاءَ والقضاء حتَّى وفاتهِ سنةَ 1434. أَلّفَ عدّةَ كتبٍ فِي مواضيعَ مختَلفةٍ، ومِنها كِتاب الفَارسِيّة في مبادِئِ الدَّولةِ الحَفصِيَّةِ الذِي أهدَاهُ إلَى السُّلطان عبدِ العَزيز الحَفصيِّ (1394-1434).


من مؤلّفاته

مبادئ السالكين في شرح أرجوزة ابن الياسمين حط النقاب عن وجوه أعمال الحساب [شرح أرجوزة بن أبي الرجال في الرعد]


تقديم النّص

الأُرجوزةُ اليَاسمينِيّةُ هي قصيدةٌ مِن 54 بيتًا فِي الجَبرِ والمُقابلةِ وَضعَهَا ابنُ اليَاسمين (تـ 1204 م) وحازَت شُهرَةً عاليَةً وشَرحَهَا عديدُ العلماءِ ومِن بَينِهِم ابنُ قُنفُذ الذِي شرحهَا شرحًا رِياضيّا بحتًا، إِذ لَم يتطرَّق فيهِ إلى الأبعادِ الأدبِيّةِ واللّغويّةِ لِلأرجوزةِ، بَل ركّزَ فيهِ على المَفاهيمِ العِلميّةِ الوَاردةِ بهَا وحافظَ علَى نفس تسلسُلهَا. يُجَزّئُ ابنُ قُنفذ القصيدة إلى فقراتٍ مُتماسِكةٍ فِي المعنَى ومُكوّنةٍ من بعضِ الأبياتِ، ويُوضِّحُ بعد كلِّ واحدةٍ منهَا المُصطلحَاتِ والمفاهيمَ الرِّياضِيّةَ. ويتعمَّدُ التّكرارَ أحيانًا لـتأكيدِ كلامِهِ أو تقديمِ مُلخّصٍ للقارئِ، قبلَ أن يضيفَ أمثلةً لزيادَةِ إيصالِ المعنَى العلميِّ المُستهدفِ وتَبسيطهِ قصدَ الإعانةِ على فهمهِ. ونُلاحظُ تجنُّبَهُ التّعقيدَ، إذ ينتَقي مَسائلَ واضحةً وسهلةَ الحلِّ ويَكتفِي في أغلبِهَا بِالاعتمادِ على الأعدَادِ الطَّبيعيّةِ ولَم يستَعمِل بتاتًا الجُذورَ الصّمَّاءَ ونادرًا ما التجَأ للكُسورِ، وحتَّى إِن اضطُرّ لذلك فَيَكون الكَسرُ سَهلا مثل نصفٍ.

احتوَت المسائلُ التي قدَّمهَا ابنُ قُنفذ على الأنواعِ المجهولةِ (الشيء والمَال) واستعملَ الرُّموزَ العَدَدِيّةَ والجَبرِيّةَ المَغاربِيّةَ للتّرميزِ على الأرقامِ والمجهُولاتِ وكتَابةِ المُعادَلاتِ الجَبرِيَّةِ، مع العلمِ أنَّ قِسمًا هاما منَ النّصِّ يَتعلّقُ بحَلِّ المُعَادلاتِ منَ الدّرجةِ الأولى والثانيةِ حسبَ التَّمشّي الذي وَضعَهُ الخَوارِزمِي (850 م).

تعديل الجذاذة
شواهد
في جبر الكسور

36- وحُطَّ الأموَالَ إذَا مَا كثُرت واجبرْ كُسُورَهَا إِذَا مَا قصرَتْ
37- حَتَّى يَصِيرَ الكُلُّ مَالا مُفرَدًا وخُذْ بِذَلِكَ القَدرِ مِمَّا قَدْ عدا

اعلَمْ أنَّ القوانِينَ التِي ذكُِرت فِي الضُّروبِ الثلاثةِ المركَّبَةِ، إنَّمَا تَتَمَاشَى فِي المسألَةِ التِي يَفرضُ فِيها المَالُ واحِدًا لا أكثَرَ ولا أَقَلَّ.
فإن كَانَ المفرُوضُ غيرَهُ، فيجبَرُ الأَقَلُّ ويحطُّ الأكثَرُ. ولا يُشتَرَطُ ذلكَ فِي الثلاثة البَسِيطَة. فَإذَا فرض المَال فِي المركَّبَاتِ أكثر مِن وَاحِدٍ فَيُحَطُّ إليهِ، وإن كانَ أقلَّ منهُ فيُجبَرُ إليهِ. ووجهُ العَمَلِ فِي الَجبِر والحَطِّ أن تَقسِمَ المجبُورَ إليهِ علَى المجبُورِ أو تُسمِّي في الَحطِّ يَخرُج المطلُوب، أي الذِي يُضرَبُ فِي كُلِّ واحِدٍ مِن ألقَابِ المَسألَةِ. وإلَى ذَلِكَ أشَارَ بِقَولِهِ ... [قرقور، ص187]

في المعادلة

40- وكُلُّ مَا استَثنَيتَ فِي المَسَائِلِ صَيِّرهُ إِيجَابًا مَعَ المُعَادِلِ
41- وبعدَ مَا تجبرُ فَلتُقَابِلْ بِطَرحِ مَا نَظِيرَهُ يُمَاثِلُ

وهذَا بابُ المُعَادلَة : والمعادَلَةُ هُو أن تجبر النَّاقِصَ إلَى الزَّائِدِ، والمُقابَلَةُ طَرحُ كُلِّ نَوعٍ مِن نَظِيرِهِ حَتَّى لا يَكُونَ فِي الِجَهتَينِ نَوعَانِ مِن جِنسٍ وَاحِدٍ.
ووُقُوعُ ذلكَ فِي المسائِلِ التِي يَقَعُ فِيهَا الاستِثنَاءُ، وهُو إمَّا فِي الجِهَتَينِ معًا أو فِي إحدَاهُمَا.
ويُعبَّرُ عَنِ المُستَثنَى مِنهُ بِالزَّائِدِ وعَنِ المُستَثنَى بالنَّاقِصِ ... [قرقور، ص189]

في ضرب الأنواع الجبرية

وَمَا ضَرَبتَهُ فَخُذْ مَنَازِلَهُ تَعْرِفْ مِنْ ذَلِكَ أُسَّ الحَاصِلَة
ثَلاثَةٌ لِكُلِّ كعبٍ كررا واثْنَانِ لِلمَالِ مَتَى ذكرا
وإنْ ضَرَبْتَ عَدَدًا فِي جِنس فَالخَارِجُ الِجنْسُ بِغَيْرِ لبْسٍ

هذَا بابُ ضَربِ هذِهِ الأنوَاعِ بَعضِهَا فِي بَعضٍ، فقالَ : مَا ضَرَبْتَهُ فخُذْ مَنَازِلَهُ، يَعنِي تجمَعُ أُسَّ المَضرُوبِ إِلَى أُسِّ المَضرُوبِ فِيهِ. وقولُهُ : تَعْرِفْ إلَى آخِرِهِ، يَعْنِي يَكُونُ أُسُّ المجمُوعَينِ أُسَّ الخَارِجِ، فأعطِ لِكُلِّّ كعبٍ ثلاثةً إِن تَكَرَّرَ واثنَينِ للمَالِ. وقولُهُ : وإن ضَربتَ عددًا فِي جِنس فالَخارِجُ ذلكَ الِجنسُ، يَعنِي لِأنّا قَدَّمنَا أنَّ مجمُوعَ الأُسّينِ أُسّ الَخارِجِ، والعَدَدُ ليسَ له هُنَا أسّ، وأُسّ أَحَدِ المضرُوبَين هُوَ أُسّ الَخارِجِ. وحَاصلُ هذَا البَابِ أنّكَ مَتَى ضَربتَ هذهِ الأنوَاعَ، فَاجمَع أُسَّ المضرُوبَينِ ليَكُونَ أُسَّ الخَارِجِ، ومَتَى ضَربتَ عدَدًا فِي أَحَدِ هَذِهِ الأنوَاعِ فالَخارِجُ ذَلِكَ النَّوعُ بِعَينِهِ ... [قرقور، ص 190]

مخطوطات
أكثر مخطوطات
دار الكتب الوطنيّة - تونس
A-MSS 8965 /None
العنوان على المخطوط : مبادئ السالكين في شرح أرجوزة ابن الياسمين
صور ذات صلة
معطيات بيبليوغرافيّة

يوجد ثلاثة مخطوطات من هذا الكتاب بدار الكتب الوطنية بتونس : 08965/8 - 16457/6 - 21994.
أشار يوسف قرقور في تحقيقه لهذا النّصّ إلى وجود نسختين منه واحدة بالجزائر والأخرى بالمغرب ولم يذكر شيئا عن نسخ تونس.
جاءت نّسخة تونس رقم 16457/6 في عشر ورقات بخطّ وأرقام مغاربيّة.
يوسف قرقور، دراسة وتحقيق شرح ابن قنفد لأرجوزة ابن الياسمين، شهادة الدراسات المعمقة في تاريخ الرياضيات، المدرسة العليا للأساتذة، الجزائر القبة، 1986.

تحرير الجذاذة
(بتصرّف اللّجنة العلميّة)

متحف التراث المكتوب - 2022

Creative Commons logo

نرحّب بملاحظاتكم ومقترحاتكم على العنوان التّالي :