ديوان محمود قابادو

يعود الفضل في جمع شتات قصائد قابادو إلى صديقه محمّد البكّوش وإلى تلميذه محمّد السّنوسي (1267 هـ/1851م- 1318 هـ/ 1900م) وطبعه في جزأين وصدر في مجلّد واحد عن مطبعة الرّائد التّونسيّ. صدر الجزء الأوّل سنة 1294هـ/ 1877م، بينما صدر الجزء الثّاني سنة 1295هـ/ 1878م. فحقّقها وبوّبها ورتّبها على حروف المعجم وقدّم لها. ثمّ عمدت الدّار التّونسيّة لإعادة نشره سنة 1392 هـ/ 1972م فأصدرت الطّبعة القديمة مفردة كلّ جزء في مجلّد خاصّ به. وأمّا الطّبعة الثّالثة من ديوان قابادو فقد صدرت في مجلّدين الأوّل خاصّ بالشّعر والثّاني خاصّ بالنّثر، حقّقها عمر بن سالم عن مركز الدّراسات والأبحاث الاقتصاديّة والاجتماعيّة بتونس سنة 1404 هـ/ 1984م. طرق محمود قابادو أغراض المدح والفخر والهجاء والتّهاني والرّثاء والغزل والوصف والشّكوى والحنين والإخوانيّات. وله قطع في التوسّل والاستجداء والتّقريظات حول كتب وجرائد صدرت في أيّامه، فضلا عن البديعيّات كالتّوريات والتّصديرات والتّذييلات والتّشطيرات والتّخميسات والاقتباسات والمعارضات والتّواريخ الشعريّة. وله كما يقول محمّد النّيفر صاحب عنوان الأريب: «في التّاريخ بحساب الجُمّل براعة [..] ويكفي شاهدا على ذلك قصيدة داليّة هنّأ بها السّلطان عبد الحميد بانتصاره على الرّوس، فإن جمع أبياتها بمهملها ومعجمها وصدورها وأعجازها، يستخرج منها تواريخ لعام الانتصار بحيث يتحصّل منها الآلاف حتّى جعل لها جدولا في كيفيّة استخراجها» (ج 2، ص ص 907، 908). وقال عن ديوانه صاحب شجرة النّور الزكيّة: «له ديوان شعريّ قويّ المبنى متين المعنى يشهد بسعة باعه في اللّغة ورصف ذراعه» (ج 1، ص 562). ويعتبر ديوان قابادو مصدرا مهمّا من مصادر دراسة الاتجاهات الأدبيّة والحياة الاجتماعيّة والسّياسيّة في فترة إدخال التّنظيمات الخيريّة إلى البلاد التّونسيّة، فقد عرض فيه لأهمّ الأحداث التي جدّت في فترة حكم أحمد ومحمّد والصّادق باي، وما جرت في أيّامهم من وقائع. ولئن طغى على أسلوبه الغلوّ البديعيّ وركوب المحسّنات البلاغيّة، فإنّه قد أبان عن ولعه بعلوم البلاغة والشّعر والإنشاء. وقد افتخر بشعره ونوّه من جودة نظمه، حين قال: هذا الذي نظمت به الآباد * عقدا به تتفاخر الأجيادُ تنسى محاسنه القلائد والمغــا * ني إنْ زهى بنظامه الإنشادُ فيُريكَ نفح الطّيب مع زهر الرّيا * ضِ بزهر أفق بلاغة تنضاد جمع المحاسن زهرها والزّهر في * ديوان شعر أبي الثّنا قاباد (ج 1، ص 1)