آداب المعلّمين

رسالة في تعليم الصّبيان في الكتاتيب، حقّقها حسن حسني عبد الوهاب (تونس 1931)، وأُعيد طبعها بإشراف محمد العروسي المطوي (تونس 1972). ثمّ راجعها إبراهيم بن مراد، ونشرها ببيت الحكمة قرطاج سنة 2010، ونشر معها ترجمة للكتاب أنجزها جيرار لوكنت، سنة 1953 تحت عنوان Le livre des règles de conduite des maîtres d’école كما نشره أحمد فؤاد الأهواني ضمن كتاب التّربية في الإسلام والتّعليم في رأي القابسي (القاهرة 1955، ط. 2).

يحتوي الكتاب على عشرة مباحث تتركّز على تعليم القرآن وموادّ أخرى اختيارية، ومسألة العدل بين الصّبيان، وأحكام تأديبهم، وإجارة المعلّم متى تجب. وهو يحتوي أساساعلى آراء دوّنها ابن سحنون عن أبيه. ويُعدّ هذا الكتاب من أقدم وأمتع الكتب في التّربية والتّعليم في الإسلام، وله فضل السّبق على كلّ ما أُلّف بعده من رسائل وكتب تربوية. ونظرا لأهمية هذا الكتاب، فقد ذكره جماعة من مشاهير العلماء، مثل أبي إسحاق الجّبنياني، وأبي الحسن القابسي، وأبي بكر بن خير الأندلسي. كما نقل منه بن خلدون.

حرص ابن سحنون على وضع قواعد لتحديد حقوق المعلّم من أجرة، وخاصّة واجباته تجاه الصّبيان، الّتي قيّدها بشرطٍ يتمثّل في "منفعة الصّبي". وبعبارة أخرى أنّ ابن سحنون أكّد حقوق التّلاميذ، فيما يخصّ معاملتهم برفق، والعدل بينهم، والتّفرّغ لهم تماما، بل إنّ ابن سحنون منع المعلّمَ من زيارة المرضى أو حضور الجنائز حتّى لا يحرم التلميذ من حقّه في الدّرس. ولئن أوجب ابن سحنون تعليم القرآن، فإنّه اعتبر تدريس علوم أخرى من المواد الاختيارية، مثل الحساب، والتّاريخ، والنّحو، واللغة، والشّعر، والخطابة. وهي آراء تُعدُّ سابقة لزمان ابن سحنون.

وبسبب تأكيد ابن سحنون واجبات المعلّم، تذمّر البعض من المباشرين لتلك المهنة، إلى حدّ أنّ الجبنياني ذكر أنّ ابن سحنون "لو علّم الصّبيان، لرَفق بالمعلّمين".