None
None
الصدق والأمان وخدعة الزمان أو الحيلة والعشق تجربة
قصّة ألّفها يعقوب شملة بالعربيّة- اليهوديّة التونسيّة أي اللهجة العاميّة ليهود تونس المكتوبة بحروف عبريّة، تتكوّن من مئتي صفحة، تروي حكاية ميشيل الشّاب اليهوديّ الفرنسيّ الذي قاوم الإغراءات والأطماع ليعيش حياة نقيّة ويدافع عن حبّه لمارغيريتا التّي عرفها وأحبّها دون أن يدري أنّها ابنة عمّه وهو ما اكتشفه في آخر القصّة، وقد جعل يعقوب شملة من هذه الحكاية العاطفيّة مجالا فتح من خلاله نوافذ على أحداث مفصليّة في تاريخ اليهود، وعلى أوضاعهم الاجتماعيّة والسياسيّة أواخر القرن التّاسع عشر في البلدان العربيّة تونس والجزائر، وفي فرنسا التّي اعتبرها رمزا للحرّية وصمّام الأمان لليهود، وفي أمريكا بلد الفُرص والثّراء.
في قصّته، يحضر يعقوب شملة الكاتب، راويا وروائيّا، ويعلن وجوده بقوّة، فهو يمتلك نصّه ويبني علاقة تفاعليّة مباشرة مع "القاري الكريم" كما يسمّيه، فيجول به في زمان ومكان الحكاية " بعد ما أتعبنا القاري الكريم باغصان هادي القصصه الكتيره، نزيدو نتعبوهو وندخلو بيه لبلاد نيوو- يورك، البلاد الكبيره في الاميريك." ويستطرد ليذكّره بأحد مؤلّفاته " وقد دكرتهم انا صاحب تاليف هاد القصصه، في قصصة "اليهود في سبانيا" الموجوده عند اخينا العزيز مسعود معراخ" أمّا الشخصيّات فهو يعرفها جيّدا ففي" الصاله الكبيره الدي بالقصر انجمعو جميع الانفار الدي القاري الكريم يعرفهم حق المعرفة"، وهذا الأسلوب السرديّ الطّريف الذي يشابه أسلوب الحكاواتي، يمنح القصّة فرادة وتميّزا، ويشدّ قارئها إلى فصولها وأحداثها بقدر ما يشدّه إلى شخصيّة كاتبها وراويها.
كُتبت القصّة باللهجة العاميّة التونسيّة بكلماتها العربيّة الأصيلة والأجنبيّة الدّخيلة وبخصوصيّة نطق يهوديّة طوّعها يعقوب شمله للكتابة نثرا وشعرا، فكانت مفرداتها على بساطتها أداته للإبداع ونسج نصّه الأدبيّ. كما أن هذه اللهجة قد منحت القصّة روحا تونسيّة خالصة، فتونسيّتها لا تكمن في شخوصها ولا في مكانها ولا في زمانها بقدر ما هي كامنة في لغتها وكلماتها.
انا معروف عند جميع الناس الدي يعرفوني باسم ميشيل، وهادا هو اسمي، اما حسبي ونسبي ليس يعرفهم احد، لانني قد اخفيتهم علا جميع الناس، لو دكرت اصلي بهادي البلاد لم نوجد مكان نخدم فيه، ولا انتي يا حبيبتي تعشقيني، ولما دخلت عند السييد موريس لنخدم عندهو، لم طلب مني الحجايج الدي يدكرو نسبتي، والرب سبحانهو عز وجل سبل ردا سترهو علييا وانقبلت عندهو، واما انا يا حبيبتي انخلقت من عايله شريفه زكييه، من قوم حقير دليل، هاد القوم يسما قوم بنو اسرايل!
(ص. 70)ادمون صاحبي، انت فرانساوي متلي وانا يهودي متلك وبكل دالك بقا ويبقا في قلبي معززة وطني، ودالك لان لما قومنا كان في اشد العداب في جميع الاقاليم، اوول قوم الدي كسسبنا الحرييه هو وطن فرانسا، وفي عام 1789 عام الانقلاب، لما تكوون مجلس الاوممه والحقوق الانسانيه المرحومين ميرابو والراهب غريغوار لما عرضو علا المجلس ليكون شرع وحيد وحقوق وحيده لجميع اهل الوطن من غير فرز الدين، هاد المطلب قبلتهو فرانسا بالفرح والسرور، وجميع ملوك الارض تبعو هاد المقصد الرفيع، دون بعض اوطان الدي بقو في جهلهم، ودالك لان قووة الديانه تقودهم.
(ص. 155)يا ناس ناري لهيبه، نار قوييه ترمي الشرار
يا ناس عشقي في الحبيبه، يحرق ويديب قلب الكفار
ظننيت نصرة ربنا قريبه، والرب زادني فوق ناري نار
ودموع عيوني صارو سكيبه، وطبيب في دوايا حار
يا ايلهي طالبك طليبه، عججل بموتي بهاد المشوار
ولو موتي لوالدي صعيبه، صببرهو يا الدي اسمك الصببار
صبرهو علا هادي المصيبه، وانصرهو يا كريم الانتصار
يا تاكل علا الزمان نراك هالك، الزمان غدار يرميك للمهالك
ايدا فرحت يوم ياتي الكدر بعدهو، ليس احد من الزمان سالك
يتبسسم بوجههك وبعد يغدرك، وتبقا حزين لطول زمانك
لا تقول انا كسبت الاولاد، تعيش فريد حد ما يبقا لك
ولم تقول لقد كسبت الاموال، تعيش فقير ويفنا مالك
ولم تتكل علا صححة بدنك، ان الزمان يهرري عظامك
ومن قال انا شرفي شهير، تفني عمرك حقير بين اقرانك
يا تاكل علا الدنيا فهي غرور، لقد خسرت عومرك وخسرت تكالك
920
920
920
920
920
920
طبعت القصّة في المطبعة الشرقيّة في تونس سنة 1916، وتوجد هذه النّسخة ضمن رصيد الكتب العبريّة بدار الكتب الوطنيّة، ونقلتها للحروف العربية شادية الطرودي في طبعة أولى صادرة عن دار الكتب الوطنيّة سنة 2021.
- شمله يعقوب، الصدق والامان وخدعة الزمان او الحيلة والعشق، المطبعة الشرقيّة، تونس، 1916. (بالعربيّة – اليهوديّة)
- شمله يعقوب، الصدق والامان وخدعة الزمان او الحيلة والعشق، نقلته الى الحروف العربيّة شادية الطرودي،..........